النسبة محفوظة…

هنالك نوعان من الحمامات:

الحمامات الرومانية القديمة، وقد إشتهرت بطريقتها المبتكرة في توزيع البخار على الجسم، بحيث لا يبقى جزء من جسم المستحم إلا ويشمله البخار.

و”الحمامات” البيروتية الحديثة، وقد إشتهرت “بحركاتها” الأوتوماتيكية: “فالمستحمون” يقفون أو يسيرون على جانبي الشارع، وتمر السيارات فترفع الماء من الحفر، وتلقيها عليهم، فتشملهم أكثر مما يشملهم البخار في الحمامات الرومانية…

*

وبين الحمامات الرومانية والحمامات البيروتية فروقات عديدة:

فالحمامات الرومانية لا تشتغل إلا في الصيف، والحمامات البيروتية لا تشتغل إلا في الشتاء!

*

الحمامات الرومانية محصورة ضمن الغرف، والحمامات البيروتية في الهواء الطلق…

الحمامات الرومانية يجب أن يقصدها المرء لكي يستحم، والحمامات البيروتية تلاقي المرء على الطريق، “فتحممه” غصبا عنه…

الحمامات الرومانية تكلف مالاً،

والحمامات البيروتية “تقدم” مجاناً…

*

في الحمامات الرومانية يستعملون الصابون،

وفي الحمامات البيروتية يستعملون الوحل..

*

الحمامات الرومانية فيها قسم للسيدات وقسم للرجال،

والحمامات البيروتية مشتركة!.

*

في الحمامات الرومانية يتعرى المرء ثم يستحم،

وفي الحمامات البيروتية يستحم ثم يتعرى…

الحمامات الرومانية ينزل فيها الماء من فوق إلى تحت،

والحمامات البيروتية يصعد فيها الماء من تحت إلى فوق.

*

… ولكن مهما تعددت الفروقات، يظل الجوهر واحداً: فكلها حمامات، وكلها تتكفل بجميع أنحاء الجسم، وكلها إبتكارات عمرانية..

وإذا كان بينها “بعض” الفرق، فهو “الطبيعي” بين بلدية بيروت والإمبراطورية الرومانية…

 

(٥ كانون الأول ١٩٥٤)

 

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *