الهجرة إلى أميركا “والهجرة” إلى الحكومة!..

هجرتان “يستفيد” منهما اللبنانيون: الهجرة إلى أميركا! “والهجرة” إلى الحكومة.
وبين الهجرتين بعض الشبه، وبعض الفرق…
فالشبه هو أن أكثر الذين هاجروا إلى أميركا قد أصبحوا أغنياء!.. وكذلك أكثر الذين “هاجروا” إلى الحكومة…

الذين لهم أهل في أميركا قد إستدعاهم أقرباؤهم!..
وكذلك الذين لهم “أهل” في الحكومة…
أولئك يدفعون “الناولون”…
وهؤلاء أيضاً “يدفعون”..
أولئك ينقطعون عن أخبار بلادهم! هؤلاء أيضاً ينقطعون…
…أولئك وهؤلاء يئن من هجرتهما لبنان واللبنانيون…
هذا هو الشبه!
أمّا الفرق، فهو أنّ أكثر الذين هاجروا إلى أميركا قد هاجروا عن يأس..
وأكثر الذين “هاجروا” إلى الحكومة قد هاجروا عن “أمل”…

أولئك يبتعدون عنا لا تبتعد قلوبهم! هؤلاء تبتعد قلوبهم ولا يبتعدون..

أولئك تاجروا فربحوا!..
هؤلاء “ربحوا” فتاجروا…

أكثر أولئك وجدوا صعوبة في إتقان لغة البلاد!..
وأكثر هؤلاء “أتقنوها” بسهولة…
أولئك يرسلون إلى البلاد من تعبهم!
وهؤلاء يأخذون من تعب البلاد…

أولئك يحرمون من جنسيتهم!..
وهؤلاء “يكتسبون” جنسيتهم وجنسيات سواهم.

أولئك مغتربون بالنسبة إلينا!
وهؤلاء نحن بالنسبة إليهم مغتربون…

الذين عندهم “تراخوما” في عيونهم ليس مرغوبا فيهم بأمريكا…
أما هنا فالرغبة شديدة بالذين لا “يرون”…

باب الهجرة إلى أميركا بدأ واسعاً ثم أخذ يضيق…
وباب “الهجرة” إلى الحكومة بدأ ضيقاً ثم إتخذ “بالإتساع”…

كثيرون من المهاجرين إلى أميركا عندهم رغبة بالعودة إلى البلاد…
أما “المهاجرون” إلى الحكومة فنادر بينهم من يرغب “بالرجوع” إلى لبنان…
تلك هي الفروقات.

…على أننا مهما عددنا من الفروقات، يبقى الشبه بين الهجرتين أقوى…
ذلك أنّ نتيجة الهجرتين واحدة:
هي “النجاح”…

وأما الباقون من الشعب، أولئك الذين خسروا في الأولى رجالهم، وفي الثانية أمالهم…
فينتظرون إلى أن يكون قد فتح لهم باب الثالثة…
(الأحرار ١٧ شباط ١٩٤٩)

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *